المرأة السعودية والاقتصاد

دور المرأة السعودية في تنمية الاقتصاد المحلي

تعيش المملكة العربية السعودية مرحلة تحول اقتصادي عميق، وفي قلب هذا التحول تظهر المرأة السعودية والاقتصاد كعلاقة مترابطة تعكس رؤية وطن يسعى إلى استثمار قدرات أبنائه وبناته دون استثناء.

فقد أصبحت المرأة اليوم عنصرًا فاعلًا في التنمية، وشريكًا أساسيًا في بناء المستقبل، بعد أن أُتيحت لها مسارات مهنية وريادية واسعة أسهمت في تعزيز حضورها الاقتصادي ورفع التنافسية الوطنية على المستويين الإقليمي والدولي.

تمكين المرأة كدعامة اقتصادية لرؤية 2030

منذ إطلاق رؤية السعودية 2030، كان تمكين المرأة أحد أهم محاور التغيير.

فالرؤية لا تكتفي بدعم مشاركة المرأة، بل تستهدف بناء بيئة عادلة ومساوية تتيح لها تحقيق حضور قوي في مختلف القطاعات.

وقد أدركت الدولة مبكرًا أن المرأة السعودية والاقتصاد هما عنصران لا ينفصلان.

وأن رفع مشاركة المرأة في سوق العمل ليس هدفًا اجتماعيًا فقط، بل أيضا استراتيجية اقتصادية تهدف إلى مضاعفة الإنتاجية الوطنية وجذب الاستثمارات.

ومع تفعيل السياسات الجديدة، ارتفعت مشاركة المرأة الاقتصادية بشكل ملحوظ، وانتقلت من 21.2% في عام 2017 إلى 35.4% بنهاية الربع الثالث من عام 2024.

وتعد هذه القفزة واحدة من أسرع معدلات النمو عالميًا.

كما تعكس فاعلية البرامج الحكومية والقدرة العالية لدى المرأة السعودية على الاندماج في مختلف مجالات العمل.

بيئة عمل أكثر مرونة تدعم المرأة

ولتعزيز مشاركة المرأة السعودية في لرفع الاقتصاد، نفذت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية

سلسلة من المبادرات والتعديلات التنظيمية التي خلقت بيئة عمل أكثر توازنًا واستدامة.

ومن أبرز هذه التطورات:

رفع مدة إجازة الأمومة إلى 12 أسبوعًا مدفوعة بالكامل، وهي خطوة عززت الاستقرار الوظيفي للمرأة وساعدتها على التوفيق بين عملها وأسرتها.

تفعيل أنماط العمل المرن والعمل عن بُعد والعمل الحر، وهي خيارات ساهمت في تقليل المعوقات وزيادة فرص دخول النساء لسوق العمل.

برامج التدريب المتخصص مثل مبادرة “التدريب الموازي”، التي استفادت منها أكثر من 122 ألف باحثة عن عمل، لتجهيز المرأة للعمل.

دعم الأمهات العاملات عبر تطوير منظومة رقمية شاملة لخدمات رعاية الأطفال، مما سهّل على النساء الاستمرار في العمل دون ضغوط إضافية.

كما أن هذه الجهود التنظيمية لم تكن مجرد تحسينات شكلية، بل كانت إعادة بناء شاملة لبيئة العمل.

وتهدف أيضا إلى ضمان مشاركة اقتصادية أكثر استدامة ومرونة للنساء.

المرأة السعودية وريادة الأعمال

إلى جانب العمل الوظيفي، برزت المرأة السعودية كقوة مؤثرة في عالم ريادة الأعمال.

فقد شهدت السنوات الأخيرة نموًا كبيرًا في عدد السيدات اللواتي أسسن مشاريعهن الخاصة، بدعم من برامج التمويل،

ومراكز التدريب، والحاضنات المختصة بالمشاريع الناشئة.

كما يظهر عدة نماذج ملهمة جسدت معنى المرأة السعودية والاقتصاد عمليًا، من بينها:

  • طرفة المطيري: أول سعودية تدخل مجال الصناعات العسكرية، وقد نجحت في تصنيع بدلة للتخفي الحراري والبصري بمكونات سعودية 100%.
  • رؤى سعود صابر: مؤسسة مصنع شوكولاتة محلي يغطي الطلب في السوق السعودي، وأسهم في توفير فرص عمل لعدد كبير من النساء.

هذه القصص ليست مجرد أمثلة فردية، بل دليل على قدرة المرأة السعودية على المنافسة في مجالات جديدة وغير تقليدية،

وعلى استعدادها لقيادة مشاريع نوعية تسهم في تنويع الاقتصاد الوطني.

النساء في القيادة

تنظر المملكة بترقب إلى تعزيز دور المرأة في مواقع صنع القرار خلال السنوات المقبلة، في خطوة تهدف إلى بناء منظومة قيادية أكثر شمولية.

حيث تسعى رؤية المملكة 2030 ومجلس الشورى إلى:

رفع تمثيل النساء في المناصب القيادية في القطاعين العام والخاص.

زيادة مشاركة المرأة في عضوية مجالس الإدارات.

رفع معدل مشاركة المرأة في سوق العمل إلى 30% بحلول عام 2030.

هذه التوجهات ليست مجرد أهداف رقمية، بل تعكس أيضا إدراكًا لضرورة وجود المرأة في مواقع القيادة للمساهمة في صنع سياسات اقتصادية أكثر شمولًا واستدامة.

اقرأ أيضا: كيف تغيّر رؤية 2030 شكل السوق السعودي؟

أثر المرأة السعودية على نمو الاقتصاد

تظهر المؤشرات الاقتصادية أن مشاركة المرأة لها تأثير مباشر على قوة الاقتصاد الوطني.

فمن خلال دخولها في مجالات العمل والإدارة والريادة، استطاعت المرأة أن:

تسهم في تنويع مصادر الدخل الوطني.

ترفع مستوى الإنتاجية في القطاعات المختلفة.

تدعم القطاع الخاص بالمهارات والكفاءات.

كما أنها تخلق مشاريع ذات أثر اجتماعي واقتصادي طويل المدى.

وبذلك أصبحت المرأة السعودية والاقتصاد علاقة متبادلة؛ فالاقتصاد يستفيد من طاقاتها، وهي تستفيد من الفرص التي يوفرها، في دورة تنموية مستمرة.

ختامًا، يمكن القول إن دور المرأة السعودية في تنمية الاقتصاد المحلي لم يعد دورًا ثانويًا أو مكملًا، بل أصبح ركيزة أساسية من ركائز التنمية الحديثة.

ومع استمرار الدعم الحكومي، وتوسع البرامج التدريبية، وتنامي حضور المرأة في مواقع القيادة وريادة الأعمال،

تتجه المملكة نحو مستقبل أكثر توازنًا وازدهارًا، يقوم على مشاركة فاعلة من جميع أفراد المجتمع.

اقرأ أيضا: كيف تتعامل مع أول فشل في مشروعك الناشئ؟